بضربة واحدة، مفاجئة وسريعة، وجّهت سيفها الجليدي بقوة جانبية، فضربتني في كتفي ودفعتني للخلف. ارتد جسدي بعنف وسقطت على الأرض.
تأوهت، كان الألم حقيقيًا.
"اللعنة..." تمتمت وأنا أضع يدي على كتفي المصاب.
نهضت ببطء، وكانت أنفاسي ثقيلة، وركبتي كادت أن تستسلم.
كانت واقفة هناك، لا تقترب، تراقبني بصمت... وكأنها تنتظر رد فعلي، أو ربما تحكم علي الآن.
أنا لست منافسًا لها... ليس بهذا الجسد.
جسدي الحالي لا يزال ضعيفًا... قوتي لا تزال محدودة. هذه معركة غير متكافئة، وأنا أعلم ذلك جيدًا.
لكن عينيّ لم تفارقها، فرغم كل شيء، لم أنوِ الانسحاب.
ليس بعد هذا التحدي... ولا بعد ظهور هذه المهمة.
لا بأس... إن لم أكن ندًا لها الآن، فسأكون لاحقًا. لكن أولًا، عليّ أن أتجاوز هذه المواجهة.
همست ببطء بشفتي:
"الخلود المؤقت."
وبمجرد أن نطقت بهذه الكلمات، تدفق شعور غريب في جسدي... دافئ، كثيف، ثم تحول إلى فراغ كامل.
الألم... اختفى.
الألم الذي كان في كتفي، والضعف في ساقي، كل شيء اختفى في لحظة واحدة، وكأن جسدي أصبح آلة لا تعرف معنى الكسر أو التعب.
ابتسمت.
ابتسامة صامتة، لكنها كانت كافية لقول كل شيء.
في اللحظة التالية، فعّلتُ الدفعة التي تلقيتها من النظام. بفضل إكمالي مهمة الجري، تدفقت الطاقة في داخلي كنهرٍ هائج، أضاءت عروقي بدفءٍ خفي. أصبحت أطرافي أخف، وأصبح سيفي امتدادًا طبيعيًا لروحي.
ثم هاجمت.
ركضت نحوها بسرعة لم أعرفها من قبل، بحركة مفاجئة جعلت عينيها تتسعان للحظة.
ارتفع سيفي في الهواء، مدفوعًا بقوة لا تقاوم، نازلة عليها من الأعلى بقوة العزيمة والمثابرة.
رفعت سيفها الجليدي لصد الهجوم-
ولكن هذه المرة،
لقد كنت مساوياً لها.
اندفعتُ نحوها كعاصفة، وامطرتُها سيفي بضربات متتالية لا هوادة فيها. كل ضربةٍ وجهتها حملت في طياتها ثقلَ العزيمة، وأشعلت شراراتِ تصادمٍ حولنا.
لقد كانت تتصدى... نعم، بمهارة.
لكنها بدأت بالتراجع.
خطوة واحدة، ثم خطوة أخرى.
كان واضحًا - رغم صرامة ملامحها وبرودة تعابيرها - أن قوتها بدأت تتآكل. ارتجف سيفها قليلًا مع كل صدّة، وازدادت أنفاسها ثقلًا.
بالطبع... كيف يمكن لشيء جميل إلى هذا الحد أن يكون صلبًا مثل الجليد؟
قلت لنفسي وأنا أراقب ملامحها: عيناها الزرقاوان، تشبهان الشتاء في نقائهما... لكنهما الآن تخفيان توتراً لم يكن موجوداً قبل لحظات.
واصلتُ الهجوم، وسيفي يتحرك بثقة. حاولت الرد والهجوم، لكنني لم أمنحها الفرصة.
هذه المواجهة... لن تستمر طويلاً الآن.
ابتسامة انتشرت على وجهي، ابتسامة لم أطلقها عبثًا...
لقد رأيت ما أردته منذ اللحظة الأولى.
سيفها... بدأ يتشقق.
ذلك الجليد النقي الذي ظنته لا ينكسر، انكسر ببطء أمام عينيها. اتسع الشق، وتلاشى بريقه، وبدأ البرد يتبخر.
"لن يدوم هذا طويلاً..." تمتمت لنفسي بثقة.
ظل وجهها ثابتًا، يتصدى لضرباتي بمهارة، لكنني رأيت ما كان وراء هذا الثبات:
ارتعاش خفيف في معصمها... بطء خفي في حركتها... تعب خفيف في نظرتها.
ثم مع الضربة النهائية
رفعت سيفي عالياً، ونزل بقوة مركزة...
وتحطم الجليد.
تحطم سيفها أمامها، وتناثرت شظاياه الجليدية في الهواء مثل الزجاج المختلط بالثلج، واتسعت عيناها من المفاجأة... ثم فقدت توازنها وسقطت على الأرض.
لقد اتخذت خطوة للأمام، وأنا ألوح بسيفى تجاهها، حيث أوقفت حافة النصل شعرة من صدغها.
كانت تحدق بي، وقالت عيناها الكثير... المفاجأة، والارتباك، وربما الاحترام الذي لم تنطق به.
نظرت إليها بصمت، ثم قلت بابتسامة متعبة، وأنفاسي متقطعة:
"أنا المنتصر."
وقبل أن أرى رد فعلها،
كل شئ اختفى.
انطفأت طاقتي مثل شمعة وصلت إلى نهايتها،
وانتهى الخلود المؤقت.
ثم حل الظلام...
وانهارت فاقدًا للوعي، ولم يعد جسدي قادرًا حتى على الشعور بالألم.
بعد ساعات من الغياب استيقظت.
فتحت عينيّ ببطء، جعل ضوء الغرفة الخافت رؤيتي ضبابية للحظة. حاولت رفع جسدي، وفعلت، لكن ما إن جلستُ منتصبًا حتى أصابني ألمٌ في رأسي كالسهم. شهقتُ ووضعتُ يدي على جبهتي فورًا.
"آه... ما هذا الألم...!" تمتمت من بين أسناني.
لقد عاد كل شيء مرة واحدة... المواجهة، الجري، السعي، ثم الجليد... وسقوطي.
قبل أن أتمكن من استيعاب محيطي بالكامل، رأيت فتاة ترتدي زي الخادمة تقف بجانب السرير، وكانت عيناها متسعتين من الدهشة.
ثم صاحت بصوت عالٍ ومتحمس:
"سيدة سيليا! لقد استيقظ السيد الشاب!"
حدقت فيها بعبوس وأنا أضغط على رأسي، صوتها يخترق جمجمتي مثل الإبرة.
"لماذا تصرخ من هنا؟ يمكنك الاتصال بها عندما تغادر غرفتي."
قلت ذلك بصوت ثقيل، ساخر بعض الشيء، لكنه لم يخفي انزعاجي.
احمر وجهها على الفور، وأنحنت رأسها خجلاً:
"أوه، أعتذر عن الإزعاج، سيدي الشاب."
ثم خرجت مسرعة، تاركة وراءها صمتًا ثقيلًا... وألمًا لم يهدأ بعد.
ولكنني كنت مستيقظًا، وهذا يعني أنني لم أكن ميتًا.
وهذا في حد ذاته كان تقدماً.
دخلت السيدة سيليا كأنها اجتاحتها عاصفة، خطواتها سريعة، وعيناها مليئتان بالقلق الذي لم تحاول إخفاءه. اقتربت مني وهي تنادي باسمي، وجلست بجانبي على الفور، وأنفاسها تسبقها.
"هل أنت بخير؟ لم تُصب بأذى، أليس كذلك؟"
كانت تنظر إلى وجهي، تبحث في ملامحي عن أي شحوب، أو أي علامة ألم...
على الرغم من الانزعاج الذي شعرت به بسبب قربها المفاجئ، لم أستطع رفع يدي لدفعها بعيدًا.
لماذا؟
لأن لمستها كانت دافئة.
لقد أعاد لي شيئًا لم أشعر به منذ وقت طويل...
لمسة أمي…
هذا الاهتمام الحقيقي، والطريقة التي أحاطت بك بها نظراتها، وكأنك كل ما تبقى لها في هذا العالم.
شعرت بغصة في حلقي، لكنني تمالكت نفسي وقلت بصوت أعلى من الهمس:
"أنا بخير... يمكنك ترك وجهي الآن."
توقفت عن فحص وجهي، لكنها لم ترفع يديها على الفور.
نظرت إليّ لثانية طويلة... نظرة حزينة، حنونة، محملة بأشياء غير منطوقة.
ثم أخيرًا، حركت يديها بعيدًا وقالت بصوت منخفض ومحطم تقريبًا:
"أنا آسف... هل أزعجتك؟"
لم أكن أريد أن أنظر إلى تلك العيون.
لم أكن أريد أن أرى ما يحملونه من ألم، من ذكريات...
فألقيت نظرة بعيدًا، نحو الحائط، نحو أي مكان لا يحمل ملامحها، وقلت ببرود مصطنع:
"لا مشكلة... سيدتي سيليا."
لكن صوتي خانني قليلاً، وتسللت إليّ لمحة من الشوق الذي لم أكن أرغب في الاعتراف به.
نظرت إليّ بدهشة... وكأن كلماتي الباردة صفعتها دون قصد.
ثم خفّت المفاجأة شيئاً فشيئاً، وتسلل الحزن من خلفها إلى ملامحها.
كررت كلماتي وكأنها لا تستطيع أن تصدق ما سمعته:
"سيدة سيليا...؟"
كان هناك شيء هش في صوتها، شيء يكاد ينكسر.
حاولت إخفاء الأمر، والرد ببرود لطيف، لكن نبرة خيبة الأمل تسربت رغماً عنها:
حسنًا... نادني بما شئت. المهم أن تكون مرتاحًا.
قالت ذلك وهي تبتعد ببطء، خطوة بخطوة، وكأن كل خطوة تسحب معها جزءًا من دفئها.
تركت وراءها صمتًا مشحونًا ... وصدرًا ضاق فجأة دون سبب واضح.
لم أستطع رؤية ملامحها بوضوح وهي تبتعد.
كان نظري ثابتًا على الفراغ، بينما كان هناك شيء يتلوى في داخلي.
أردت أن أقولها... أردت أن أطلب منها أن تبقى، لا أن ترحل، فقط أن تجلس بجانبي للحظة أطول.
ولكنني لم افعل ذلك.
اختنقت كلماتي في صدري، لأن الحقيقة كانت قاسية جدًا بحيث لا يمكن التحدث عنها بصوت عالٍ:
إنها ليست أمي.
رغم لمستها، رغم قلقها، رغم دفء حضورها،
إنها ليست من ربتني.
لم أعيش معها
ولم أعش مع أحد في الواقع… إلا شخص واحد، أمي من عالمي الأصلي.
حدقت في السقف لعدة لحظات، ثم قفز سؤال مفاجئ إلى ذهني:
صحيح... أوريس، ماذا حدث لها؟ إلى أين ذهبت؟ وهل هي من أحضرتني إلى هنا؟
لم أكن أتوقع إجابة، لكن صوتًا مألوفًا جاء من الباب، عميقًا، هادئًا، محملاً بالثقة:
"لا، الشخص الذي تفكر فيه ليس هو الذي أتى بك إلى هنا، يا سيدي الشاب."
استدرت بسرعة، وهناك، كالعادة، كان أندرو يقف.
ظلت ابتسامته الرسمية محفورة على وجهه، وكأن العالم أجمع لا يستطيع تغيير تعبيره.
كان يحمل صينية طعام ووضعها بلطف على الطاولة القريبة.
"ماذا تقصد؟"
سألت وأنا أتنهد بتعب، وأعقد ذراعي على صدري، وأنظر إليه بنظرة نصفها جدية ونصفها متعبة.
"وماذا تريد الآن؟"
على الرغم من هدوئي الظاهري، إلا أن الأسئلة كانت تدور في داخلي.
إن لم يكن أوريس هو من أحضرني، فمن أحضرني إذن؟ ولماذا؟
وما الذي يعرفه هذا الرجل أكثر مما يبدو؟
عند سماع كلماتي، لم يبتسم أندرو، ولم يُظهر أي استياء،
بل تغيرت ملامحه للحظة...
اختفت تلك الابتسامة الرسمية، وظهر شيء آخر خلف نظراته:
شيء يشبه اللوم... يشبه الألم المكبوت.
ثم اتخذ خطوة للأمام ووقف بثبات، ثم قال بصوت منخفض، لكنه حاد مثل حافة السكين:
"أليس أنت طفل؟"
توقف للحظة، وكأنه يعطيني فرصة للتراجع عن سخريتي، ثم تابع:
"ربما نسيت، يا سيدي الشاب، أنك كنت بعيدًا عن نظرها لسنوات، كانت تعتقد أنك ميت، أو أسوأ من ذلك... والآن، بعد كل ذلك، تقول إنها ليس لديها الحق في القلق؟"
كان هناك نوع من الغضب الصامت في صوته، لكنه لم يكن موجها إلي، بل إلى الألم الذي لم أعترف به.
أبعد نظره للحظة ثم أعاده إلي:
"السيدة سيليا لم تكن تبحث عن وريث... كانت تبحث عن ابنها."
صمت... ثم بصوت أكثر هدوءًا، وكأن الجدار الذي بناه حول مشاعره بدأ يتصدع:
"قل ما تريد، لكنها قلقة... وستبقى كذلك، سواء صدقت ذلك أم لا."
ثم أدار ظهره بهدوء، تاركًا الصمت ليحكم الغرفة.
"تسك..."
خرج الصوت من بين أسناني دون سيطرة مني، وكأنني أحاول إخراج الغضب الممزوج بالندم.
"لماذا يجب علي دائمًا أن أقول مثل هذه الأشياء التافهة؟"
تمتمت، وأنا أدير وجهي بعيدًا عن الباب الذي خرج منه أندرو.
لقد ضغطت على حافة غطاء السرير بيدي، وأصابعي تشدّ عليه كما لو كنت أحاول التمسك بشيء... أي شيء.
لقد كنت غاضبا...ولكن على من؟
عند أندرو؟ عند سيليا؟ أم عند نفسي، التي كلما حاولتُ أن أكون باردة، أكشفُ عن ضعفي في أول لحظة قلق؟
زفرت بعمق، ثم ألقيت ظهري على الوسادة، أحدق في سقف الغرفة، والشرارة لا تزال مشتعلة في صدري،
في كل مرة أعتقد أنني أصبحت أقوى... يأتي هذا المكان، وتأتي هذه العائلة، وتعيدني إلى نقطة البداية.
رن صوت النظام في رأسي، وقطع خيط أفكاري مثل سيف حاد،
واختفت كل تلك المشاعر المتضاربة بمجرد ظهور الإشعارات أمامي:
• النصر على أميرة الجليد أوريس نيفيرنايت
الإحصائيات المحدثة:
الاسم: كايل أسترايت
العرق: بشري
Level 5 → 9
نقاط المانا: 2005,000
الرتبة: هـ
الفئة: صياد
القدرة: الخلود المؤقت
. . . .
حدقت في الأرقام للحظة، كانت ملامحي خالية من أي تعبير... ولكن في الداخل؟
كان هناك شعور خفيف بالرضا... لقد أحرزت تقدمًا.
"تم زيادة المستوى... والرتبة أيضًا، هذا جيد."
همست لنفسي وأنا أرفع ظهري ببطء من السرير.
5000 نقطة مانا ليست مبلغًا صغيرًا... ومع القدرة التي أمتلكها الآن، أستطيع المناورة أكثر والبقاء على قيد الحياة
المزيد... وربما السيطرة بشكل أكبر.
ولكن وسط كل هذا، ظل سؤال يتردد في ذهني مثل صدى بعيد:
هل كان هزيمة أميرة الجليد مجرد البداية؟